عالم صغير، فيه الكثير من الحبّ

حزيران 2022 – كان جورج مراش من بين الأشخاص المؤثرين اجتماعياً والناشطين في مجال التنمية الذين دعتهم منظمة شرق، غير الربحية، إلى معتكف الحوكمة الخاص بها، وذلك خلال شهر نيسان 2022. وفي هذه التدوينة يتأمل نفسه ببساطة بين أناس طيبين ومتنوعين وكرماء.
0 Shares
0
0
0

جورج مراش، حزيران 2022

منذ شهر، كان لدي فرصة المشاركة في جلسات حوارية تقوم بها منظمة عظيمة برأيي، هي منظمة شرق، غير الربحية.

تلك الجلسات، جاء إليها أشخاص من بلدان وثقافات متنوّعة، يتحدثون لغات مختلفة، إضافة إلى وجود أشياء بسيطة مشتركة فيما بيننا، وأشياء أخرى أساسية، مشتركة، لعلّ أهمّها هو الاجماع على تقبّل الإنسان كما هو، هكذا، إنسان، بغض النظر عن أي انتماء آخر.

وليس من باب المبالغة هنا أن أقول إني شعرت بنفسي تعيش في كوكب آخر! كان عالماً مختلفاً وفيه أناس لا يشعرونك بأي شعور حزين لكونك مختلف، لعله تعريف الاختلاف هنا مختلف، حيث لا يوجد اختلاف مهما كان لونك، وشكلك، واهتماماتك، وطبيعتك. كانت تلك المساحة متساوية لكل الناس، كان هؤلاء المشاركين أناساً همهم الوحيد أن يخلقوا مساحة لهم وللآخر حتى يعيشوا جميعاً بسعادة.

لقد تناقشنا بطريقة جميلة معاً، وكانت مواضيعنا متنوعة وعميقة وجدلية، وخلال كل ذلك، لم يرفع أحد صوته على الآخر، لقد سمعت أفكاراً عظيمة، وتجارب غيّرت حيوات الكثيرين، أخباراً وقصصاً من أماكن لم أسمع عنها من قبل، وربما لولا هذا المكان الذي وجدتُ فيه مع هؤلاء الناس، لم أكن لأسمع بذلك.

وعادت فكرة أن العالم مختلف بالنسبة لكلّ شخص، ومن المستحيل أن أعرف عن تجارب الآخر وما عاشه من صعوبات، إلا إذا خلقت له مساحة آمنة، خالية من الأحكام المسبقة، ليستطيع التعبير لي عما بداخله.

لقد رأيت هناك أناساً قادرون على أن يحبوا ويضحكوا ويرقصوا بطريقة مجنونة، أناساً يتركون لأجسادهم الحرية بالحركات التي يريدونها دون خوف أو تفكير بنظرة العالم من حولهم.

لقد سمعت هناك، ضحكات -أقل ما يقال عنها أنها- هسيتيرية، لكنها تلك الضحكات التي تخرج من أعماق القلب، ضحكات صادقة، كان أصحابها لا يفكرون بنظرة المحيط من حولهم إلى طبيعتها وصخبها، ولم تكن ضحكات مزعجة، مثل تلك التي تخترق حرية الآخرين، بل كانت ضحكات دون قيود، إنها تخرج من القلب حرفياً..

رأيت هناك، أناساً مرتاحين مع أجسامهم بشكل عظيم، لم يعيّر أحدهم الآخر بالقول “سمين، نحيف، أو ما شابه” وهنا انتبهت لنفسي بشكل ملحوظ، انتبهت كم كنت مأخوذاً بالصور المثالية المرسومة للأجسام، وكم كنت أعذّب نفسي حتى أصل إلى الجسد المثالي، ولم أكن أعرف لماذا؟ ربّما بسبب رغبتي أن أعيش مرتاحاً وسعيداً! ولكني رأيت الناس حولي، هناك، لا يملكون تلك الأجسام المثالية، المرسومة في الدعايات والمسلسلات، ومع ذلك، كانوا قادرين أن يكونوا سعداء بأنفسهم وبالناس الذين يعيشون حولهم بسعادة..

رأيت أناساً يمتلكون الجرأة في القاء شعر باللغة العربية، في مقهى ثقافي يحتوي على أشخاص من دول مختلفة وأغلبهم لا يفهم اللغة العربية! ورغم ذلك رأيت هؤلاء يقفون بثقة ودون أي خوف أو تردد، وبينما كان المستمعين ممن لا يعرفون العربية، يتفاعلون ويصفقون بحماس، لأنهم شعروا بهم، شعروا بالآخر، حتى لو كان يتكلم لغة لا يعرفونها.

في الحقيقة، كلّ ما رأيته هناك كان يمثل جزءاً من العالم الذي أحلم أن نستطيع العيش فيه معاً يوماً ما..

هناك، حيث رأيت أناساً يؤمنون بذات الأشياء التي أؤمن بها، يتقبلون الآخر كما هو، ويدعون الآخر وشأنه يعيش كما يحبّ.

كان شكلاً لعالم نتمنى جميعاً أن نعيش ونصل إليه، حتى ولو على مستوى العالم بأجمعه..

أتمنى لكم أن تستطيعوا أن تخلقوا في محيطكم عالماً مشابهاً لذلك..

باختصار، رأيت ذاك العالم الذي فيه الكثير من الحبّ!

كان جورج مراش من بين الأشخاص المؤثرين اجتماعياً والناشطين في مجال التنمية، وكان واحداً ممن دعتهم منظمة شرق، غير الربحية، إلى معتكف الحوكمة الخاص بها، وذلك خلال شهر نيسان 2022. كان لدى شرق الكثير للاحتفال به والكثير للاستعداد له. من خلال لطف وكرم جورج ومستشارين آخرين، أصبحت شرق الآن أقوى وأكثر ثقة في قدرتها على إحداث تغيير إيجابي في المنطقة العربية وخارجها. نحن في منظمة شرق ممتنون للغاية لجميع المستشارين والداعمين لنا.

You May Also Like